تعد ظاهرة التصحر مشكلة عالمية تصيب البيئة وتلحق الضرر بجميع جوانب الحياة، وأصبحت واحدة من أهم المشكلات التي تعاني منها أغلب شعوب العالم، مما دعا المجتمع الدولي إلى التنمية على مخاطرها ومكافحتها عبر العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية.
وتعد ليبيا إحدى الدول الواقعة في نطاق المناطق الجافة والتي تعاني من مشكلة التصحر، فهي تقع في منتصف شمال إفريقيا، حيث تشرف أراضيها على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط بطول يتجاوز 1900 كم.
تبلغ مساحتها أكثر قليلاً من (1.75) مليون كم2 ويبلغ عدد سكانها حسب تعداد عام 2006 نحو 5.3 مليون نسمة، ويصل عدد السكان لكل هكتار من الأرض الصالحة للزراعة 10/ 1 أي أن كل عشرة أشخاص ينالهم 1 هكتار من الأرض الصالحة للزراعة.
كما إن موقع ليبيا وأشكال تضاريسها وتعرج سواحلها تؤثر بشكل مباشر في تغيرات الطقس والمناخ والعناصر المناخية فكمية الأمطار قليلة لا تتعدى في أحسن أحوالها 600 مم شتاء في بقعة لا تكاد تذكر قياسياً بمساحة البلاد.
ومن خلال ما تقدم نجد أن هناك قلة في مساحات الأراضي الزراعية من ناحية وقلة في كميات الأمطار الهاطلة من ناحية ثانية، يقابلهما زيادة إتساع في رقعة الأراضي الصحراوية، وفق هذا كله فإن ظاهرة التصحر بشقيها الطبيعي والبشري أخذت تظهر للعيان في مختلف الأقاليم والمناطق الليبية ولم تفلح برامج التنمية الإقتصادية التي انتهجتها حكومة الثورة منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي أن تحد من إنتشار التصحر وزيادة رقعة الأراضي المتصحرة في الدولة.
إن دراسة ظاهرة التصحر وأثرها في التنمية البشرية والإقتصادية، قد تكون لها فائدتها ليس على المستوى الوطني فحسب بل على المستوى الإقليمي والدولي وخاصة في الدول التي تتشابه في ظروفها الطبيعية والبشرية مع مثيلتها في ليبيا؛ ويعد هذا الكتاب محاولة متواضعة تضع نتائجها أمام الجهات صاحبة القرار لتكون أساساً للحد من إنتشار هذه الظاهرة أولاً ولإعادة تأهيل المزيد من الأراضي المتدهورة ثانياً ولإدخال هذه الأراضي حيز الإستثمار الزراعي والإقتصادي من جديد ثالثاً.
وللإحاطة لموضوع الكتاب، توزع الكتاب على خمسة فصول وفق ما يلي: الفصل الأول: "التصحر والتنمية البشرية والإقتصادية"، الفصل الثاني: "العوامل الطبيعية المؤثرة في ظاهرة التصحر في سهل الجفارة"، الفصل الثالث: "العوامل البشرية المؤثرة في التصحر في سهل جفارة"، الفصل الرابع: "أثر ظاهرة التصحر في برنامج التنمية البشرية والإقتصادية في سهل الجفارة"، الفصل الخامس: "الآفاق المستقبلية لتأثير ظاهرة التصحر في التنمية البشرية والإقتصادية في سهل الجفارة".