حزب العدالة و التنمية دراسة النشاة وسياسات تركيا الداخليةوالخارجية

يُعدّ وصول حزب العدالة والتنمية في تركيا الى السلطة تجربة تستحق الدراسة والاهتمام، ليس بسبب تنامي ظاهرة الإسلام السياسي) المعتدل( في هذه الدولة الشرق أوسطية وتراجع التيار العلماني فيها فحسب، بل لما نجم عن هذه التجربة من تغييرات ملموسة في عموم سياسات تركيا الداخلية والخارجية. ولا يستطيع أي مراقب، أو باحث، في الشأن التركي إلا أن يقرَّ بحقيقة مفادها إنَّ فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات الأعوام 1001 و 1001 و 1011 . قد ترافقت معه تغييرات في نهج التعامل السياسي مع قضايا أوإشكاليات كانت تعد، في السابق، من قبيل المحرمات التي تؤدي الى اقصاء كل طرف يمس بها أو أختفائه من دائرة التأثير السياسي. لقد تغير وجه تركيا العلماني وباتت الأحزاب ذات الميول والاتجاهات الإسلامية تتحكم في عموم المشهد السياسي التركي وتتجه نحو أجراء مصالحة بين العلمانية والإسلام أو إحدا موائمة بين الديمقراطية والإسلام بعد ثمانين عاما من التغريب والتحديث لكل قيم المجتمع التركي الإسلامية. لقد شكل صعود الإسلام السياسي الى مسرح الاحدا تحولا واضحاً عن المسار التقليدي للسياسة التركية، إذ اخذ تأثير المؤيدين للعلمانية يتراجع في الشارع التركي وأتجه معظم هؤلاء إلى الانزواء أو تعديل مساراتهم السياسية، ولا شك إن مؤسسة الجيش ومجلس الأمن القومي التركي هما من بين أكثر المؤسسات التي تضررت من هذا التاثير. وبدأت تركيا تستعيد استقرارها الاقتصادي والسياسي بعد الأداء الناجح لحزب العدالة والتنمية وتأثيره النشيط في دفع عجلة النمو الاقتصادي وإنقاذ تركيا من واقع الركود والبطالة والمديونية، فضلا عن تبني سياسات المصالحة وتعديل الفهم الأحادي لهوية تركيا القومية عبر انتهاج الحل الديمقراطي الذي أتاح الاعتراف بكل أطياف الدولة التركية وتعددياتها الإثنية وفسح المجال لها للاشتراك في العملية السياسية على قاعدة المساواة في حقوق وواجبات المواطنة، فضلا عن السعي لإتباع الحلول العقلانية لإشكاليات الهوية التركية عبر تبني سياسات الإنماء الاقتصادي للمناطق الكردية الفقيرة والاعتراف بالهوية الكردية التي تتيح لجميع الأكراد المشاركة في بناء الدولة التركية الجديدة .