ظهرت الأسواق المالية منذ القدم وسعت إلى الربط بين أصحاب رؤوس
الأموال ومن هم بحاجة إليها، وتطورت عبر العصور ليتعاظم دورها في تحويل رؤوس
الأموال الفائضة بين الأعوان الاقتصاديين، وأصبحت التدفقات المعاكسة لرؤوس
الأموال أكثر سرعة نتيجة التكامل بين الأسواق المالية العالمية في ظل العولمة،
واستعملت في ذل عدة أدوات، وقد تطورت هي الأخرى، مع تطور دور الأسواق
المالية وآليات عمله؛ لكن التحرير الكبير في نشاطها وقلة المراقبة المفروضة عليها، ما فتئ
أن أدى إلى تحول الاستثمار فيها، من الاقتصاد الحقيقي إلى الاقتصاد المالي الأكثر ربحية،
ونما نشاط المضاربات فيها وتعقدت التعاملات بها نظرا إلى استعمال أدوات تمتاز
بالمخاطرة الكبيرة، في حين غابت الأخلاق الاقتصادية في تعاملاتها؛ ما نشأ عنه كثرة
الأزمات المالية على مر عقود من الزمن.
هذا؛ وقد عرفت الرأسمالية بالدورة الاقتصادية التي تتراوح من الظهور والنمو
إلى النضج والتدهور، وتعد فترات الركود إحدى مراحل هذه الدورة. وقد عرف العالم
العديد من الأزمات المالية منذ العصور الغابرة؛ ولكن الحديث عن الأزمات الاقتصادية
بالمفهوم الحديث قد برز مع الأزمة الاقتصادية سنة 5212 ، ثم توالت الأزمات في شكل
دوري، وتحولت هذه الأزمات من الركود إلى الركود والتضخم، إلى أزمات عملة، ثم
الأزمات المصرفية، لتصل حاليا إلى أزمات الفقاعات، والتي يعيش العالم في وقته الراهن
إحدى أسوء هذه الأزمات. وكل هذه الأزمات قد اختلفت ظاهريا من حيث الأسباب
التي أدت إليها؛ إلا أنها تشترك في ظاهرة أساسية تنتهي إليها ومنها يبدأ الانهيار، وهي
ظهور مديونية كبرى تفوق طاقة الاقتصاد.